واحة التفكير

المُنحدَر الزلق ... ورَجل القشّ

الجمعة 24 رجب 1435 هـ الموافق 23 مايو 2014 م

قف ! أمامك منحدر ...

 

المنحدر الزلق .. ورجل القش

 

 

كان الرجل واقفاً بباب بيته حين سأله أحد المارة عن الوقت ؛

فقال : عفواً لا يمكنني إجابة سؤالك !

الشاب : ولكنك تحمل ساعة يا عمّ .. فلماذا لا تجيب ؟!

الرجل : لأنك بعدما أجيبك ستشكرني.. ثم سأدعوك لتناول فنجان قهوة في بيتي والذي ستعدّه ابنتي الشابة.. وسيعجبك مذاق القهوة كما سيبهرك جمال ابنتي.. وستطلبها للزواج.... وأنا لا أزوج ابنتي شاباً لا يحمل ساعة ولا يقدّر قيمة الوقت !

 

 

هذه الطرفة كنا نتداولها من باب الفكاهة، لكن هل لاحظتم أننا نمرّ بمثل هذه السفسطة في حياتنا بعيداً عن الفكاهة ؟

 

 

مثال آخر لما أعنيه :

 

الأب لابنه : اذهب وذاكر لاختبار الغد، فإنك إن لم تذاكر سترسب، وإن رسبت سيطردونك من المدرسة، ولن تجد لك عملاً كريماً لأنك لا تحمل شهادة، ومن ثم لن يزوجك أحدٌ من ابنته، وستظل طوال عمرك فاشلاً وحيداً متسولاً....!

 

إنه السيناريو الأسوأ ذو الخيار الأوحد الذي يجر إلى أسوأ منه ... وهكذا حتى يصل المتكلم إلى نهاية بالغة القتامة تبرر موقفه الأول؛ أو أنه بناءً على هذا السيناريو المفترض يتخذ له موقفاً ويكوّن رأياً متطرفاً في القضية..

 

 

هذا النوع من السفسطة في الحوار يطلق عليه "المُنحَدَر الزَّلق"؛ فالمتحدث يهوي في هذا المنحدر من سيء لأسوأ، لا توقفه أية بدائل أو احتمالات غير تلك الأشد سوداوية، والتي افترضها متجاهلاً كل ما سواها.. عن قصد أو عن غير قصد.

 

 

ولو رجعنا بالذاكرة قليلاً لوجدنا بعض المواقف الفقهية من مسألة الفضائيات قد انزلقت في هذا المنحدر، ثم تراجع أكثرها بعدما طفت بقية الخيارات الإيجابية على السطح.

 

 

 

 

 

منحدر آخر من سفسطات الحوار يجدر بنا الحذر من الوقوع فيه ، فنتجنب ممارسته مع الآخرين، ونتفطن لمن يمارسه أمامنا.. وهو ما يطلق عليه "رجل القش".. فما رجل القش هذا ؟؟

 

 

إنه سلوك في الحوار، يقوم على تهوين الرأي الذي يريد المتكلم نقضه، أو على تفريغ الفكرة المطروحة من قيمتها ومن ثرائها ومحاورها، واختزالها في جزئية هشة؛ فيجعلها أشبه برجل القش..

وبنَقضِ هذه الجزئية يبدو المتحدث كما لو أنه نقض كامل القضية، تماماً كما يتحطم رجل القش بضربة واحدة.

 

 

مثال ذلك :

أن يأتي المتحدث بدليل واحد من بين أدلة كثيرة يستند عليها أحد الفقهاء في حكم ما، ثم يرد على هذا الدليل، أو يبين ضعفه أو نسخه، ويزعم أنه بهذا الرد لم يعد لذلك الرأي الفقهي ثقل أو وجاهة..

 

وأكثر ما يُستخدم هذا النوع من السفسطة : مع الجاهلين في القضية، وفي ظل غياب العالمين بها عن المجلس.

 

 

ولْنتفطن .. فإن من الصور العديدة لهذه السفسطة - سفسطة رجل القش - : أن يتعمد المُحاوِر مناظرةَ شخصٍ ضعيف الحجة من الفريق الآخر؛ فيسهُل عليه كسرَ حججه والرد عليه، ثم يزعم أن ذلك الفريق (حزباً كان أو مذهباً أو فرقةً أو غيرها....) لا تصمد حججه لأنه ضعيف في أصله ولا يملك دعائم قوية تسنده.

 

 

 

كانت هذه بعض أشهر "المغالطات" أو "سفسطات الحوار"

الشائعة من حولنا، أحببت لفت الانتباه إليها

 

وإلى لقاء متجدد بإذن الله

دمتم في سعادة

 

؛