واحة التفكير

حـرّر طـائـرك‘

الخميس 6 رمضان 1435 هـ الموافق 3 يوليو 2014 م

 
يمكن القول أننا كثيرا ما ننظر لأفكارنا كطيور تريد التحليق في السماء.. وكل أمنياتنا أن ينجح طائر فكرتنا بالتحليق..
لكننا نتفاجأ بشباك ترمى وشراك تنصب وقضبان توضع في طريق ذلك الطائر اليافع لتطوقه وتمنعه من الطيران..
 
وعندما نتعرض لتلك المواقف واللحظات المؤلمة نشعر غالبا بحاجتنا لتغيير المكان.. نعم نرغب بمغادرة المكان الذي تسبب بسجن طيور أفكارنا.. ونرغب بمفارقة الأشخاص الذين امتدت أيديهم إلى طيور أفكارنا محاولة سجنها وثنيها بل وقتلها أحيانا..
 
أكاد أجزم أنه في تلك اللحظات يخالجنا شعور عارم أن واقعا كهذا لا يستحق أن نعيش فيه أونكون جزءا منه.. خصوصا إن كان ذلك الطائر هو طائر الأحلام الذي سنحمل عليه مستقبلنا وطموحنا..
 
ووقتها نتصور في خيالنا مدينة الأحلام وواقع المثالية الذي يرعى طيور الأفكار الجديدة بكل سهولة.. ويسمح لها بالتحليق عاليا في سمائه.. 
نرسمها صورة في أذهاننا لواقع ومكان مختلف يتملكنا شعور الرغبة للعيش فيه ومغادرة واقعنا والابتعاد عنه..
 
أدرك هذا الشعور جيدا بل إني جربته كثيرا..
ويدرك ذلك كل من وُجهت الشباك والشراك ونصبت القضبان لتحبس طيور أفكاره بالسجن يوما ما  أو ربما حُكم عليها بالموت سواء في المنزل أو المدرسة أو العمل أو مع الأصدقاء أو في المجتمع بل حتى هنا على شبكة الانترنت..
 
لذلك أعتقد أن المغادرة والابتعاد ليست حلا..

 
فأينما ذهبنا في هذه الحياة فوق أي أرض وتحت أي سماء سنجد نماذج لتلك الأيادي المثبطة وأولئك السجانين السلبيين يحيطون بنا..!!
 
سنجدهم يسخرون بالكلمات.. يثبطون بالعبارات .. يلمزون بالإشارات والحركات.. وهذا دورهم وفعلهم تجاه الأفكار الجديدة والتي تفوق ما يستطيعون أو يظنون..
 
سنجد من يحاول تقييد طيورنا في كل مكان.. وستواجه طيورنا الشباك والشراك والقضبان من جديد وبأنواع مختلفة وقوى متفاوتة في كل مرة تنطلق بها ..
 
 
فلا واقع لمدينة الأحلام المثالية هنا.. وما ذلك إلا خيال لن تقتات منه طيور أفكارك لتحلق.. لأن من يصنع ذلك بطيور أفكارنا أيادٍ تعيش معنا وبيننا وحولنا..!
 
 
واللبيب من يدرك كيف يتعامل بذكاء مع سجاني الأفكار ووسائلهم..
 
فقبل أن تحلق طـيورك في الـسـمــاء عـالـيــــا.. 
                           لابد أن تـحــلـق عـالـيـا في عقلك..
وقبل أن تستنشق طيورك الــهـــواء خـارجــــا.. 
                           لابد أن تستنشق نقـيـا في داخلك..
وقبل أن تتحرر طيورك من قـيـود الآخـــرين.. 
                            لا بد أن تُتحررها من قيود نفسك..
 
 
ما أريد الوصول إليه  :
ألا تـسـمـح لأحـد أن يـسـجـن طـيـــور أفـكـارك أو يخيفها من التحليق على الأقل..
وكـن أنـت لـطـائـر فـكـرتك كالـسـمـاء والـهـواء والغـذاء حتى يكبر وينـطـلــق..
 
خـتــامـــا صدقوني.. 
 
أن الفكرة لا تموت إلا بأحد أمرين فـقـط
-الأول : أن يـمـوت حاملها قبل طيرانها .. وهذا قرار لا نملكه..
-الثاني: أن يقتلها حاملها قبل طيرانها .. وهذا القرار بيديك..
 
لذا فإن في داخلك مخزنين.. أحدهما للرصاص والآخر لطيور الأفكار.. 
 
 
فـإمـــا أن تطلق الـرصــاصـة لتقتـل الطائـر..
وإمــــا أن تطلق الــطـــائــــر لـتبني الحـيـــاة..
والقرار بيديك..!؟