واحة التفكير

الألعاب صُنِعت كي تُكسَر ~ ؛)

الأربعاء 3 شوّال 1435 هـ الموافق 30 يوليو 2014 م

 

الواد كسر اللعبة بتاعته !!!

والله يا أستاذ بجيب له أحسن حاجة ، اللعبة ما تقلش عن خمسين جنية ، وبالشحن كمان مش بالحجارة.

وبرضو يكسرها .. هو مش حضرتك بتفهم في نفسية العيال برضو .. شوف حمادة كده أصلي خايف ليكون عنده ميول سادية!!

 


ـ  لسبب أجهله يظن الأب أن اللعبة التي أحضرها لطفله يجب أن يُكتب لها الخلود . 

وأن طفله يجب أن يُحافظ عليها كـحفاظة على (حبة عينه)!ـ

 

 

ولصاحبي الذي يظن أني ( أفهم في نفسية العيال برضو ) ، وكل من شابهه أصرخ وأقول:

 

الألعاب صنعت لكي تُكسر..!

 

هذه هي الحقيقة التي لا نريد أن نصدقها رغم وضوحها؛

فالأطفال ليسوا (مخربين صغار) كما ننعتهم بل هم مكتشفون صغار، لديهم فضول غير عادي،

وحب استطلاع لا محدود، ولذلك نجدهم يدمرون ألعابهم بغية التحقق من كنهها وطبيعتها، ونحن -كآباء- نتذمر من ذلك ونعاقب الطفل على فعلته.

 

https://d3j5vwomefv46c.cloudfront.net/photos/thumb/594383682.jpg?1339105521

 

إن كل طفل يملك موهبة أعطاه الله -جل وعلا- إياها، وهذه الموهبة تحتاج إلى تنقيب وبحث، وهذا يتأتى حينما نسمح له بالتجريب المستمر،

فربما لا ندرك أن طفلنا مبدع في الرسم إلا بعد تمزيق الدفتر رقم مائة، أو أنه يهوي الفك والتركيب إلا بعد أن يجعل من غرفته ميدان فوضى.

 

ومنعنا للطفل من أن يجرب هو منع للتقدم واكتشاف مواهبه. نعم، إننا حينما نعاتب الطفل على أخطائه وتجاربه الفاشلة فإنما نعاقبه على التعلم.

 

ومن الثابت علميا أن تعدد اهتمامات الطفل وتنقله من مجال إلى آخر هو البداية الحقيقية لظهور مواهبه.

 

ويجب أن ننظر للعب على أنه نشاط مشروع للطفل يحصد من خلاله فوائد كبيرة، ولا يجب أن نقلق من الطفل الذي يعشق اللعب؛ بل العكس هو الصحيح،

فالطفل الهادئ الذي لا يحب اللعب ولا يهوى المرح هو الأولى بالخوف والقلق.

 

يقول الغزالي في إحيائه منبهاً على أهمية اللعب :

"وينبغي أن يؤذن له بعد الفراغ من المكتب (حلقة حفظ القرآن)أن يلعب لعبا جميلا يستفرغ إليه تعب الحفظ، فإن منع الصبي من اللعب وإرهاقه بالتعلم الدائم يميت القلب، ويبطل ذكاءه، وينغص العيش عليه".

 
 
ومن الفوائد التي يجنيها الطفل من اللعب :

1- إفراغ طاقاته المكبوتة: فالطفل لديه نشاط جسماني كبير يحتاج أن يفرغه في القنوات الشرعية وهي الألعاب،

وكَبْتُنا لهذه الطاقة وعدم إعطاء الولد الحرية في إفراغها يعمل على تعقيد الطفل.

2- تنمية مهاراته الابتكارية والإبداعية: وهذه المهارات تنمى بالتجربة المستمرة والمحاولات الكثيرة.

3- تنمية السلوك الاجتماعي: وخاصة في الألعاب الاجتماعية التي يدرك الفرد من خلالها أنه فرد، وأن الجماعة هي الأهم، وأنه لا يستطيع اللعب حاليا والعيش بعد ذلك بدون التعاون معهم وتقسيم الأدوار فيما بينهم، وتساعد كذلك على نبذ الأنانية وحب الذات.

4- تعليمه بعض المهارات : وهذا يتأتى بأن نمزج التعليم باللعب، فتعليمه ترتيب غرفته ممكن أن يكون بجعلها لعبة زمنية؛

فإذا رتب غرفته في 7 دقائق مثلا نعطيه 5 نقاط، وإذا استطاع جمع 25 نقطة في الأسبوع يحصل على هدية معينة،

أو أن نشتري له الألعاب التي تعلمه الحروف والأرقام بشكل مسلٍّ ممتع.

5- يتخلص الطفل من متاعبه وهمومه عن طريق اللعب : وباللعب يتخلص من هموم الواقع وقيوده.

6- اللعب يمكن الطفل من اكتشاف القوانين الأساسية للمادة والطبيعة.                   

 

ويجب التنبيه على أن من حق الطفل أن يختار ألعابه بنفسه، فلا نفرض عليه لعبة لمجرد أننا كنا نحبها ونحن في مثل سنه،

أو لأن فلانا ابن صديقي يحبها؛ فمطالب الأطفال تختلف حسب ميولهم، ويجب أن نساعد الطفل في أن يتحمل المسئولية ويختار أشياءه بنفسه منذ الصغر.

 

وطبعا لا يفترض أن نتركه هكذا بلا توجيه؛ بل يجب أن نشرح له ماهية اللعبة وفوائدها وعيوبها، وننقل له وجهة نظرنا، ولكن في النهاية يظل القرار ملكا له.

 

كذلك يجب أن تدرك أن الألعاب الغالية ليست دائما محببة للأطفال، فربما تشتري له لعبة بمئات الجنيهات فيلقيها جانبا ويفرح بصندوق بيض فارغ يجره خلفه بالحبل وكأنه سيارة.

 

وهذه ميزة تساعدنا في ابتكار ألعاب بسيطة من الأشياء المهملة لدينا نحن الكبار.
أيضا من الرائع له أن تشاركه اللعب بين الحين والآخر،

فهذا يسعده، وأيضا يساعدك على توجيهه ومراقبته بدون أن يشعر.

 

وأنصحك - عزيزي الأب - أن لا تضيق على ابنك بالأوامر والتوجيهات الكثيرة، أو أن تقطع عليه لعبه باستمرار،

وأطالبك بأن تتذكر عندما كنت صغيرا مدى ضيقك وتأففك ممن يحاول أن يهدم سعادتك أو يثقل كاهلك بتعليماته المستمرة.

 
 

ما هي الألعاب المحببة لدى الأطفال؟

 

أقل من ثلاث سنوات يحب الطفل اللعب البسيطة والتي تكون مصنوعة من القماش أو البلاستيك، ويميلون كذلك إلى الألعاب التي تصدر صوتا؛

فهي تجذب انتباههم وتشعل لديهم الفضول.
 

من سن ثلاث إلى ست سنوات يهوى الألعاب الأكثر تعقيدا والتي تساعد على تنمية مهاراته وأفكاره، كألعاب الفك والتركيب مع الوضع في الاعتبار أن تكون آمنة.

 

ويجب أن نضع في الاعتبار التفريق بين ألعاب الصبيان والإناث، بحيث تساعد كل لعبة في البناء النفسي للطفل،

فلا يحبذ أن نشتري للبنات ألعاب قتال أو نشتري للولد ألعابا مشابهة لماكينات الحياكة أو أدوات المطبخ.

بل يفضل أن نختار أو نساعد الولد على اختيار الألعاب التي تنمي مهاراته العقلية وتفجر طاقاته الابتكارية والإبداعية،

ونختار للبنات الألعاب التي تعتمد على تنمية المهارات اليدوية والمواهب الجميلة الرقيقة.

 

 

نقلاً عن مقالة للأستاذ كريم الشاذلي

( منقول بإذن من الكاتب )