واحة التفكير

حدّد بوصلة طموحك ~ انصر قضيتك .. أ.كريم الشاذلي‘

الاثنين 20 ذو القعدة 1435 هـ الموافق 15 سبتمبر 2014 م

حدّد بوصلة طموحك

~‘ انصُر قضيتك ‘~

 

 


إن مُعظم البشر يؤمن بقضية ما ،

إما قضية عظيمة كبيرة وإما قضية تافهة عبثية ،

لكن دعني أجتهد في طرح تصوري بشكل آخر، به بعض التفصيل ...
حيث أرى بأن البشر يسكنون في مربع "هموم" من الأربعة مربعات التالية :

 

 

 

 

كل واحد منا يسكن في مربع من هذه المربعات، وقد يتنقل بينها حسب تغير قناعاته، وهمومه .
لكنني أحب أن أشير إلى بعض النقاط الهامة كي تكون رؤيتي واضحة لك :

أما الأولى فإن ما أراه عاديا قد تراه أنت نبيلا، وما أؤمن بعظمته قد لا يكون موقعه بقلبك نفس الموقع المتميز، وذلك لأن فضل الله ورحمته دفعت لأن تختلف رؤانا، فتتعدد همومنا وقضايانا، فيحدث الثراء والدفع، و يسد كل منا فجوة وثغرة، وتتكامل الإنسانية، تكاملا قائما على حاجة كل منا لجهود صاحبه، ورؤيته، وموهبته .

 



والثانية أن كل امرء ميسر لما خُلق له، وهمة المرء إذا ما كانت مشتعلة حملته إلى ما يشتهي، وإلا قعد عاجزا دون ما يريد ويطلب .
بمعنى أن هناك من أعطاه الله قدرات نفسية أو جسدية أو مادية تدفعه إلى التميز والارتقاء والعلو، وعي عميق، ورؤية متزنة، فهو يملك ما يجعله مناطحا للسحاب، ناثرا من همته، وموهبته، وفضله على الجميع .

هذا لا يحق له أن يكون من أصحاب المربع (1) أو (2) .
 بينما هناك من أعطاه الله قدرات عقلية محدودة، فسكونه في المربع رقم (2) هو منتهى إمكانياته، وغاية ما يقدر عليه، يكفيه أن يبني بيتا سليما صحيا، ويربي أبناءه تربية صحيحة سليمة، وبهذا يكون قد فعل أقصى ما أوجبه الله عليه .

 


إن التحديات التي يلاقيها ساكنو المربع (1) لن تكون بالمقدار الذي يواجهه أصحاب المربع (2)، ولن يكونا كلاهما كالمخاطر والتحديات التي يلاقيها أصحاب المربعين الآخرين،

ولهذا نبه شيخنا الجليل محمد الغزالي من أن "مصاعب الحياة تتماشى مع همم الرجال علوًّا وهبوطًا"، وعليه فأنت الذي تضع نفسك في المكان الذي خُلقت له .

 


بقي أن أقول أن من ذكاء المرء أن يضع نفسه في المكان الصحيح، أو كما قال الإمام ابن الجوزي رحمه الله :

"على الإنسان أن يصل إلى غاية ما يستطيع، فلو كان لآدمي بلوغ السماء لكان من النقائص بقاؤه على الأرض".

 إن صلاح الأمم والشعوب بحاجة إلى أفراد عظماء يتلاحمون فيما بينهم، ليصنعوا كيانا فتيا صلبا، والخطر كل الخطر أن يتراجع أصحاب المواهب والقدرات والإمكانات ليرضوا بلعب دور صغير في الحياة، تاركين الساحة لمن هم أقل منهم قدرة على قيادة الدفة، ولله در الأديب مصطفى صادق الرافعي إذ ينبهنا أنه " مثلما يضر أهل الشر غيرهم عندما يفعلون الشر، يضر أهل الخير غيرهم عندما يتوقفون عن فعل الخير".

 

 

 

بقلم الكاتب الفاضل

الأستاذ كريم الشاذلي