واحة التفكير

القيادة وقت الأزمات ~ د.محمد بن علي شيبان العامري‘

الخميس 15 ذو الحجة 1435 هـ الموافق 9 أكتوبر 2014 م

القيادة في الأزمات
د. محمد بن علي شيبان العامري

 

 

القائد عند الأزمات :
لا تمسك حدوة الحصان وهي ساخنة!
هنا يكون المضرب، فما هو مورده؟ مورده هو ذلك الذي مر بتجربة الألم فتعلم كيف يكون القرار...
نضربه الآن مثلاً سائرًا في كل المواقف الحرجة، فيعلمنا ألا نعيد مسبباتها.. والحديث هنا موجه لرجال الأعمال، الذين يجدون أنفسهم ممسكين ـ دائمًا ـ بحدوة الحصان الساخنة!!..
ففي المواقف الساخنة (الأزمات) يكون الإنذار المبكر مع القرارات العملية الذكية السريعة هما رأس الأمر وزمام الفعل القائد.. أي سر القيادة.. والقائد الحاذق الحاسم هو الذي يتمتع بذاكرة تستطيع أن تستوعب المزيد من تداعيات الأزمة في الحال.



المواقف الساخنة (الأزمات) :
دائمًا ما يكون المدير ـ الذي له ملكة الحدس ـ قادرًا على اكتشاف أثر الاحتكاك بين الحركة والمقاومة، قبل أن تتولد الحرارة، وفي ساعات الإجهاد والكلل يتمثل بقول (أفين يو):

"إن علامات النجاح والثقة تتجلى في القدرة على أن تبدو باردًا في المواقف الساخنة "...

 ومن الأسطر السابقة يتضح مفهوم الإنذار المبكر، ورد الفعل الذكي المؤثر.. وتتولد تلك المواقف الساخنة عند النقطة التي يجد فيها المدير نفسه محاطًا بشتى الضغوط ..

فمن الخارج تأتي مطالب العملاء، والبنوك، ثم التمويل والضرائب، ثم المنافسة...إلخ، ومن الداخل تنبثق قضايا الموظفين، فالتكنولوجيا الجديدة، فالمعلومات، ثم التوسعات... وإلى أسفل مطلوب إنتاج الكثير بأقل القليل، وإلى أعلى هناك خصائص القوى العاملة ووضع مصالحها أولاً... وهكذا. وبالرغم من هذه الضغوط جميعًا، فهو مضطر لمقابلة أي شخص برد الفعل الذي في مقولة (أفين يو).

 

صفات القيادة :
هل هي الانطلاق قدمًا ؟ أم توضيح معالم الطريق أو الإرشاد؟ أم تحقيق التقدم؟ أو خلق الفرص؟ أم هي مراقبة التصرفات والقدرة على التوجيه، والقدرة على التأثير وعلى السيطرة، ومن ثم الزعامة؟ أم إنها القدرة على المبادأة والمبادرة؟

 

نحن لا يهمنا التعريف الدقيق بقدر ما يهمنا أولئك المديرون الذين تولوا مسئولية القيادة، ولا تزال تنقصهم المهارة اللازمة لهذه المهمة.
إن الإرادة العليا بصفة عامة لا تنصب قادة، ولكن القادة ينصبون أنفسهم!! فهؤلاء الذين جعلوك قائدًا هم الذين يمنحونك هذا الشرف، وبدونه تكون مجرد مدير.. وإن كانت البداية منك أنت بحسن تصرفك الذي أغراهم باختيارك. إن القيادة مسئولية، نقبل تأكيدها، ونقبل التحدي بها، ذلك إن كنا قادة حقيقيين.



القائد والمسئولية الشخصية :
عندما نكون قادة فإننا نكون مسئولين مسئولية شخصية عن أفعالنا، وليقرر كل منا لنفسه قائلاً: "إنني أقبل المسئولية كاملة عن النجاح والفشل في حياتي، ويجب أن أحدد درجة رضائي عما أنا فيه الآن، ويجب أن أحدد هل أستطيع أن أحقق الأفضل بطاقاتي غير المطورة أم لا؟ ويجب أن أدرك دائمًا أن الوقت المتبقي من حياتي هو الفرصة السانحة كي أثبت كفاءتي وأحقق نجاحي، وأكون مسئولاً بذاتي عن استثمار هذا النجاح في ذلك العمر بمنتهى النضج، ساعيًا لأتفوق في الشيء الذي يمثل أهمية لي.." ووصولاً لذلك يجب ألا نكون فريسة للخداع؛ فالقيادة الدائمة تتطلب تحمل المسئولية، والتطورات الكافية لحياة حقيقية.


القيادة فن وعلم وتعلم :
فكما يمكن إثبات الحقائق العلمية عن طريق التجربة، يمكن ذلك بالنسبة للقيادة أيضًا، لكن الآفة أن يكون التركيز ـ غالبًا ـ على النتائج غير الإيجابية. والقيادة هي الناس، فرادى وجماعات، ولهذه الحقيقة البسيطة نقول: إنه لا يمكن إخضاع الطبيعة البشرية للقوانين العلمية بصفة مطلقة، وعلينا أن نتوقع بعض المتناقضات، فنحن مخلوقات يميزها التكوين العاطفي الذي هو من أسرار الله في خلقه، وبه يسّر لنا التكيف مع تحولات الظروف، ثم اكتساب صفات جديدة، حيث يتجاوز تعقيد النفس البشرية أي تركيبة ممكنة! فإجادة الحركة في المساحات المتاحة ـ وإن كانت ضيقة ـ عمل رائع، وقد ينقذ حياتنا، إنه موهبة غير مكتسبة ـ غالبًا ـ بالتعلم، والقادة العظماء فنانون أكثر من كونهم علماء.. إذن فجوهر القضية هو كيفية لعب الدور المرسوم.


صفات القائد:

•        مستوى غير عادي من الأخلاق الشخصية.
•        قدر كبير من الطاقة والنشاط.
•        البراعة في ترتيب الأعمال حسب أولوياتها.
•        التحلي بقدر كبير من الشجاعة.
•        القدرة على الابتكار والإبداع.
•        القدرة على تحديد الهدف الصحيح والسعي إليه.
•        الحفاظ على مستوى ثابت من الحماس والإلهام.
•        الاحتفاظ بطريقة تفكير متزن ومعتدل وواقعي.
•        مد يد المساعدة للآخرين كي يتقدموا.



ميــلاد قائـــد :

أنت قائد (بالفطرة). قول مأثور نردده!
ذلك يعني أن مهارات القيادة تكتسب عن طريق التعلم والتجربة بيسر وحب وكأنها شيمة مجبولة مطبوعة.. قد تتعلم أعظم الدروس من خلال الأخطاء.. كذلك قد تكون بارعًا في القيادة لكن صورتك الخارجية ـ مثل قصر قامتك ـ لا تساعد على التميز، وربما حرمتك من مكاسب مادية واجتماعية كبيرة.. ومن ثم تكتشف أنه بفضل القدرات القيادية الفطرية يمكن تحقق التميز!.. فلا تدع الشك يساورك؛ فالفرصة قادمة حتمًا.


نقطة التحول :
بعد كل الذي حصلت عليه من شكر وتقدير أدبي ومادي، أبلغتني القيادات الأعلى بأنني لم أعد صالحًا للاستمرار في موقعي القيادي:
ـ إنها اللحظة التي لم أتوقعها ؟!
إذن يجب أن أعرف أين الخطأ فيما حدث ؟
لقد كانت اهتماماتي جميعها خاطئة، وكان شاغلي تشكيل الناس، دون مواجهة مع النفس، ودائمًا كنت أطلب منهم أن يستجيبوا، دون الأخذ في الاعتبار أن لهم أيضًا حاجاتهم، فلم أضع نفسي ـ مرة ـ في مكانهم ... وهكذا أنا الآن أغادر موقعي مثلما غادر الآخرون ـ قبلي ـ وعلى يدي!

 


الحواجز :
إن القائد الناجح هو الذي يحاول كل فترة تخطي الحواجز لاكتشاف الجديد، ولهذا يجب أن يقنع من هم حوله بأن الاعتماد على النجاحات السابقة سوف يجمدهم.. فعندما تكون على وشك الوقوع ـ عند محاولة القفز ـ تذكر أنك سوف تعيد نفس المحاولة بعد أن تتلقى قدرًا من التدريب عليها.


نشأة المواقف الساخنة (الأزمات) :


إن أكثر وأقوى طرق القيادة، هي الجرأة على حذف كل ما لا يحقق إنتاجًا من جدول الأعمال، حتى يتوفر مزيد من الوقت.. إذن كيف نعرف ما هو غير مفيد؟..
 فقط لو حاولنا الانفلات مما تعودنا عليه في ممارسة أعمالنا، فالطريق المألوف يشعرنا بالراحة، حتى وإن كان لا يحقق إنتاجًا،

 

ومن هنا فإن المحاولة ستوضح للمتأمل طريقين:
أولهما: طريق التكرار، الذي يعني عدم وجود أهداف، ويعني كذلك الاعتياد والركوب والتكرار... إلخ.
والطريق الثاني: هو طريق النمو، الذي يعني أهدافًا جديدة، وإنتاجية عالية ونموًا جديدًا، ونوعية حديثة... إلخ.
 

ويسمى (كن بلان شارد) أسلوب القيادة الأول، بـ "نورس البحر" ! حيث يثور ويموج بجناحيه ثم يطير ويصيح، ثم يكرر ذلك مرات فيسبب اضطرابًا للجميع، وقد تعود من حوله مسلكه، لهذا لم يعد أحد يرهبه.


ابدأ بنفسك :


إن من ينصبك قائدًا هم الناس، وسيكونون أفضل حالاً عندما تكون  أنت أفضل، وعندما يتحسن الناس يقل الضغط عليك داخليًا، وعندما يزداد الإنتاج يخف الضغط الخارجي.
ليست القيادة مناورة:
لا يمكن تزييف اهتمامك بالناس، قد تستطيع خداعهم لفترة! فقط فترة.. إنها المناورة، إن معنى المناورة أن تجعل الآخرين يتصرفون ضد رغباتهم أو مصالحهم مع تقديم بعض الميزات المؤقتة، وهذه المهارات القيادية التكتيكية هي في حقيقتها إضعاف لمعدل الإنتاج في النهاية.. فالقيادة الواعية هي التنمية الاستراتيجية الرشيدة التي تحفز أعضاء الفريق ليتحقق إنتاج عالي الجودة يشجع الإبداع. وعندما تتضمن نظرة القائد أهداف وطموحات العاملين معه، سوف يعم النجاح الجميع.



المشكلات :

يتعامل القائد الحق مع المشكلة فيتعلم منها، أما القائد المزيف فهو يتأثر بها فقط، ومما يعني العجز والتصلب أن يجمد الناس حياتهم انتظارًا لانفراج المشكلة، وعليه، فيجب ألا نسمح للمشكلات أن تعوقنا أو تعرقلنا.. ويقول د. نورمان فينست بيل ـ في هذا المعنى ـ : "إن الإنسان يكون على قدر من المشكلات التي تستوقفه، وإنني أهدي بالغ شكري وتقديري لأولئك الذين ارتفعوا فوق مشكلات دهمت غيرهم ـ فأعجزتهم وأوقفتهم ـ فبهم فقط يتقدم العالم".


خطوات القائد وقت الأزمات :

* الخطوة الأولى: تكوين فريق عمل لوقت الأزمات :
    تستطيع أن تجعلهم يعملون معًا ـ وتقودهم أنت ـ على أسس راسخة نحو:
-        الترفع عن صغائر الأمور.
-        تشجيع من يستحق الثناء وتجاهل من يحاول أن يسرق الأضواء.
-        الاحترام قبل الحب.
-        العمل على تهدئة المواقف الثائرة.
-        وجود عنصر القيادة في مكونات الإدارة.
-        القدرة على تطوير الإنسان ومراعاة مشاعره، وتلك هي الإدارة.
-        ملاحظة أن هناك من يراقبك.
-        النظر إلى العمل بصفته مثلثًا أضلاعه: الإبداع ـ الطاقة ـ التغيير.
-        تقوم الأعمال على: المسئولية وتحقيق التقدم والبحث عن الأفضل.
-        ضع نصب عينيك كيف يفكر ويتصرف القادة الناجحون وافعل كما يفعلون.
-        ضع نظامًا لتقويم نفسك وأدائك بصفة دورية.
-        أحسن اختيار الأفراد عند تكوين فريق جديد أو إضافة أعضاء جدد.
-        لا تستند على الآخرين، ولا تجعلهم يعتمدون عليك.
-        اعرف كيف تحض وتحفز الفريق.
-        تعلم كيف تركز على نقاط القوة وكيف تتجاوز نقاط الضعف.
-        لا تستخدم العنف لأنه يعقد الأمور.
-        كن على دراية بما يدور في أذهان فريق العمل حولك.
-        وفي المواقف الصعبة يجب عليك أن تكون معهم واضحًا أمينًا، وصريحًا، ومع غيرهم كتومًا موجزًا.



* الخطوة الثانية: تحديد الأهداف وقت الأزمات :
    لن تستطيع قيادة الناس إلا بنصرة آمالهم، ودائمًا استحضر في ذهنك:
-        أن السفينة التي تبحر بلا هدف لن تنال ثقة راكبيها ولا طاقمها معك.
-        عندما يكتشف الناس عادة تحسين وتوضيح أهدافهم سوف يفعلون هذا تلقائيًا في أعمالهم.
-        ساعد من يعملون معك على أن يروا مستقبلهم بأنفسهم وبأعينهم.
-        قدّر لنفسك قبل الخطو موضعها، وعلم من حولك كيف يقدرون، تسلم ويسلموا.
-        قال فيلسوف القرن العشرين (الفريد نيومان): "لا يعرف معظم الناس ما الذي يريدونه ـ تمامًا ـ حتى يبلغوا حاجاتهم متأكدين ـ دائمًا ـ من احتياجهم لتلك الحاجات"!..
-        الطريق الواضحة والمحددة معالمها أفضل ما يوصل إلى الهدف المحدد وهي بعض أجزائه.
-        الأمس لا يصنع تقدمًا، مع أنه أكثر أمانًا وأقل تهديدًا، لكن يمكن أن نجعله مخزون الخبرة ليصنع مع الغد مستقبلاً ـ بطريق غير مباشر ـ.
-        لا ينبغي أن تكون الأهداف مجرد أشياء جديدة نقوم بها في المستقبل لكنها مسئولية والتزام في حل المشكلات.
-        انطلق وأنت تخطو للأمام ولا تخطط لتجنب الفشل ـ فقط ـ فإن ذلك يبخس تطلعاتك وطموحاتك.
-        لا تضيع همتك في الحلول السهلة، بل ركّز على الأهداف الفعالة.
-        لا تكن ذلك القائد الذي يسمح للحرائق أن تنشب، ثم يوظف كل طاقاته لإخمادها، عليك ـ دائمًا ـ أن تتوقع المخاطر.
-        ادفع الحواجز التي تقابلك رغم المخاطرة ـ لكن بتقدير الأمور جيدًا ـ.
-        ضع تصورًا واضحًا لأهداف يمكن تحقيقها، وذلك لاكتشاف واقع جديد، ثم لا تتوقف عن العمل المتفاني المرن من أجل الوصول إليها.
-        اجعل أهدافك قابلة القياس، وواقعية ومليئة بالتحدي، ولا ترض بغير القمم بديلاً.



* الخطوة الثالثة: تخطيط الوقت أثناء الأزمات :
    إذا انتظرت ولم تخطط، وتغيرت أولويات العمل فجأة، وربما كان عجز الناس عن التخطيط نابعًا من عجزهم عن التنبؤ بالمستقبل، وفقرهم إلى المعلومات التي تكفل هذا التخطيط.
   ومضيعة الوقت تتركز في أربع نقاط:
1 ـ أن تقوم بأعمال الآخرين.
2 ـ أن تقضي وقتًا طويلاً فيما تحب من أعمال.
3 ـ أن تكرر ما تفعل أو ما تقول.
4 ـ أن تتحمل مسئوليات مرءوسيك بدلاً منهم.
وإليك نصائح استخدام الوقت:
 - سجل الوقت كتابة ولا تعتمد على الذاكرة.
 - حاول أن تقتصد ولا تسرف فيه.
 - رتب أعمالك مما يسهل عليك أداءها وابدأ بالصعب.
 - كن مرنًا في تخطيط وقتك وتعلم أن تقول: لا.
- توقف عن الأعمال غير المفيدة ولابد أن يكون لسلة المهملات نصيب.
- تخلص من الذين يضيعون وقتك.
- نسق أفكارك واحترم وقت الآخرين.



* الخطوة الرابعة : الارتفاع بالمعنويات وقت الأزمات :
   لتكن المعنويات على رأس الأولويات.. فمن الصعب أن تجمع بين الأداء الرفيع والروح المعنوية المنخفضة، لهذا كان من أهم مسئوليات القائد الحقيقي مراقبة علامات تدهور أو حتى انخفاض الروح المعنوية داخل المنشأة.
    ومن أكبر العلامات لهذه الحال عدم وجود تعاون أو حماس أو التزام بين فريق العمل والبحث عن أخطاء الآخرين وخلق المشكلات، مع غياب متفش بين الأفراد العاملين، كذلك التأخير المتكرر عن مواعيد العمل، وأيضًا عدم فهم الفريق لطبيعة العمل وسوء التواصل والتعامل بينهم على أساس من العداء المتحفز والدكتاتورية في القيادة وكثرة التغيير والبناء التنظيمي المهلهل، وتجاهل العوامل النفسية لكل من القائد أو طاقمه، وعدم التشجيع، وطموحات القائد التي تسخر الجميع، ثم التدريب الناقص..
   وانطلاقًا من هذه المحاذير، يتحتم على القائد أن يسعى إلى خلق بيئة تتمتع بالروح المعنوية العالية المتحفزة والطموحة إلى الأفضل، مما يجعل الفريق كله يستمتع بعمله معًا ومع قائده، بعقل إداري متفتح وببناء مشاعر يعبر بها إليهم ويعبر بها بعضهم إلى بعض، واعتراف مشجع منه بإنجازهم مع عدل مطلق بينهم ودفعهم إلى تنمية ذواتهم.



نظرة القائد :

•        أهمية القائد لا تحددها خطورة أو حجم المهمة التي ينفذها، فالقادة العظماء يقومون بأعمال عادية أيضًا، لكن التعامل غير العادي مع الأمور العادية هو الذي يصنف القائد في عداد العظماء، فالقائد الحق له نظرته الخاصة للأمور العادية والتحديات الكبيرة على حد سواء.
•        غياب البدائل يفتح العقول
(هنري كيسنجر)
 

* الخطوة الخامسة: الإبداع والتجديد في المواقف العصيبة :
قد يكون الإبداع ضروريًا لاختيارنا عندما تشتد المواقف؛ فالطرق القديمة تؤدي إلى المشكلات الحالية، وفي هذه الحالة تكون الطرق الجديدة هي المخرج، ويكون ـ دائمًا ـ لدى العقلية الإبداعية إحساس بالتفتح على البدائل المتطورة، والرغبة القوية في اقتحام المستقبل بلا خوف من المجهول، مع تشجيع أعضاء الفريق جميعًا أن يكونوا مبدعين مولعين بالجدل البناء والبحث عما هو جديد، مع دعم مضطرد متوال حتى لا تخبو في أنفسهم جذوة الابتكار.
إذن ـ كيف تكون مبدعًا؟ والإجابة تكمن في الاهتداء بهذه النقاط:
خصص وقتًا تفكر فيه وحدك.
اجعل أفكارك مترابطة تؤدي إحداها إلى الأخرى.
لا تتخل عن أفكارك الجديدة لمجرد رفضها من الآخرين.
تأن في إخراج فكرتك الجديدة حتى يكتمل نموها.
أطلق فكرتك عندما تصل إلى لحظة البصيرة.
قيّم فكرتك بموضوعية، واسأل نفسك: هل هي مناسبة، أم ممكنة، أم مقبولة فقط؟
أعداء الإبداع أربعة، تذكرها دائمًا: الاعتياد، والخوف، والتسرع، والجمود.


*  الخطوة السادسة: حل المشكلات وقت الأزمات :
لا تتصارع مع المشكلات، بل تذكر هذه النصائح:
-        استخدم أسلوب الإشراف وليس المراقبة، ودع الأمور تسير كما خطط لها.
-        الدعابة والعبارات المناسبة قد تنقذك من مآزق كثيرة.
-        استعد وتهيأ عقليًا لحل المشكلة، وذلك بتصفية الذهن، ثم النظام والترتيب فالالتزام بما يتوصل إليه.



  خطوات حل المشكلة :

حدد المشكلة وفرّق بين الأسباب والظواهر.
اجمع كل المعلومات الممكنة حول المشكلة، وأجر المشاورات مع من واجه مثلها من    قبل.
ضع قائمة بالحلول الممكنة جميعًا.
اختبر الحلول من حيث إنها متاحة أو ممكنة أو لها آثار جانبية.
اختر أنت والفريق الحل المناسب ثم الزمه ولا تبالغ في الحذر.



تذكر أقوال هؤلاء :

كثير من الناس يدينون بالنجاح العظيم الذي حققوه للمشكلات الصعبة التي واجهوها. (شارلز سيرجيون).
أفضل أن أغير رأيي وأنجح، على أن أتشبث به وأفشل (روبرت شولز).
عندما نبتلى بالصعوبات، يهبنا الله العقول (أميرسون).
لا تتخل عن حقك في أن تخطئ (بيرل مارك هام).
الاعتذار الذي لا يصاحبه تغيير، يعتبر إهانة في حق نفسك (تيس روز).
ليس المهم حجم المعركة، ولكن نتائجها (أيزنهاور).



* الخطوة السابعة : التغيير وقت الأزمات :
    لا يوجد شيء ثابت ومتغير في نفس الوقت، إلا التغيير نفسه، ولذلك فإنك يجب أن تدرك الآتي:
-        إما أن تسعى نحو التقدم بخطى حثيثة، أو تتخلف عن الركب.
-        من الطبيعي أن تواجه مقاومة داخلية وخارجية عند قيامك بالتغيير.
-        ضع رؤية متكاملة للتغيير.
-        إن القائد هو الذي يدير عملية التغيير.
-        أساس التغيير الناجح أن لا تستخدم عنصر المفاجأة، واجعل تفكيرك في التغيير شاملاً.



مراحل عملية  التغيير :

إخبار فريق العمل بأن هناك تغييرًا في الطريقة إليهم، وهذه أولى مراحل العملية.
ثم مرحلة المشاركة كي تشجع على بناء الثقة.
تليها مرحلة الاتصال والتدريب.
ثم مرحلة المعلومات.
فتذليل الصعاب.
وتأتي في النهاية عملية تكريس الجهود والتقويم.



خطوات يجب اتباعها لتحقيق بداية ناجحة للفكرة الجديدة :

إعلان حماسك نحو الفكرة.
إقناع أهل الحل والعقد.
توضيح أسباب التغيير.
مناقشة المخاطر التي ينطوي عليها التغيير.
إظهار النتائج المتوقعة.
عرض المشروع كما هو، وليس كما يتصوره الناس.
تشجيع الاختلاف في الرأي.
وضع أهداف قصيرة المدى لكل فرد.
مشاركة أصحاب النفوذ.
مواجهة المشكلات الناتجة عن التغيير، ومعالجتها بسرعة كبيرة.
مواجهة التجديدات المستقبلية للقيادة:
  يقول (هاك ليفيت) ـ في تلك النقطة ـ :"هناك تركيز أكثر على نقطة التنبؤ بالمستقبل بدلا من صنع المستقبل، وهذا اهتمام غير صائب؛ لأن عمل القائد هو صنع المستقبل من خلال بناء وتطوير الناس".
  ويوضح (ليفيت) أن التفكير فيما سيكون عليه المستقبل اتجاه سلبي، ونحن كقادة نحتاج أن يكون لنا دور أكثر نشاطًا، يبدأ هذا الدور بسؤال: ما الذي يجب أن يكون عليه المستقبل؟

 


كيف يكون قائد الغد ؟
يوضح القائد الطريق لآخرين كي يتبعوه، وهو بذلك يضع المعالم، ولأنه يعرف تمامًا أن مستقبل المنشأة يعتمد على نجاح العاملين داخل الفريق فهو يحرص على التحلي بأهم الصفات التي تبلور قيادته الرائدة نحو:


•        الذكاء الحرفي في ترتيب الأولويات.
•        وضع منهج متنام للتطوير لا يتوقف أبدًا.
•        سعة الأفق التي تستوعب الأفكار الجديدة ووجهات النظر الحية المبدعة.
•        الفهم الجيد للمحيطين.
•        تبني روح الفريق بإيثار الغير، وإنكار الذات.
•        العدل واحترام الآخرين.
•        الإقدام والثقة بالنفس والتحدي.
•        الفهم العلمي.
•        اللياقة البدنية والذهنية.
•        الاعتراف بالخطأ والرغبة في التغيير عندما يكون ضرورة.



التحدي الكبير الذي يواجه مستقبل القائد :


  في عالم التجارة والأعمال تتحقق الأحلام من خلال بناء وتطوير الأفراد أو العملاء في الداخل والخارج، وتنعم المنشأة بالحيوية حين يساعد القائد على التطور وعبور الحواجز التي تعوقه. وفي الوقت نفسه فإن القيادة الحقيقية أن ترى الناس تتقدم معك؛ فالقيادة ـ بمفهوم مبسط ـ وجدت من أجل الناس، وإذا كنا صالحين كبشر سنصلح كقادة، وإذا صلحنا كقادة فسوف نصلح من حولنا.


خلاصة الخلاصة :


القائد الذي لا يعاني يعيش في عالم الواهمين، وإذا افترضنا ـ جدلاً ـ عدم وجود معاناة، فيجب إيجاد الخبرة وتعلمها من أولئك الذين عاشوا الصعاب والأخطاء والعثرات.
إن الصعاب لا تميت، و يمكن أن تؤدي إلى الأداء الجيد في ضوء الخبرة المكتسبة منها، ورغبتك في تحقيق ذلك.
يتصف القائد ببعض الصفات الأساسية؛ مثل السلوكيات الرفيعة، والطاقة العالية، والبراعة في تحديد الأولويات، والشجاعة والتفاني، ثم التحرر والإبداع، والتكيف والحماس، فالواقعية والرغبة.
عندما تريد تكوين فريق عمل في وقت الأزمات ترّفع عن الأعمال الصغيرة، وانظر للأمور عن قرب، واحترم جميع الآراء والشخصيات، واعمل على تهدئة الموقف المتوتر؛ فالقيادة ليست لقبًا يمنحه لك من تقودهم، ولكنه لقب تحصل عليه بنفسك.. ولا تنظر للعاملين معك على أنهم مجرد أدوات؛ فإرادة الإنسان تعني القدرة على العمل وتطويره.
تحديد الأعمال وقت الأزمات تعني أنك لا تستطيع أن تقود الناس إلا بالمستقبل.. ومحاولة قيادة منشأة دون أهداف محددة أشبه بسفينة تبحر بلا اتجاه.
عش الحياة ولا تمثلها؛ فالفرق بين الرئيس الذي عمد إلى إعداد نفسه جيدًا والقائد المزيف هو كيفية استخدام الوقت الذي خصص لكل من العمل والحياة.
لا يمكن أن تجمع بين روح معنوية منخفضة وأداء جيد. والروح المعنوية العالية هي حالة يحس فيها الفرد بالثقة والشجاعة؛ فيجب ـ إذن ـ على القائد أن يبتعد عن العوامل التي تؤدي إلى انهيارها أو مجرد انخفاضها.
عندما تشتد المواقف يكون الإبداع ضرورة وليس ترفيهًا؛ وإذا كانت الطرق والوسائل القديمة تؤدي لمشكلات ومواقف معقدة فإن الطرق والوسائل الجديدة تكون هي المخرج.
ثق دائمًا بأن الشخص الذي ليس لديه مشكلة يحلها يكون خارج اللعبة؛ فلا تتصارع مع المشكلات، ولكن تعامل معها.
إن الشخص الذي يستحق أن يكون قائدًا لن يشكو أبدًا من غباء مساعديه أو عدم تقدير وعرفان العامة؛ فكل هذه الأشياء جزء من معترك الحياة الكبيرة، ومواجهتها وعدم الاستسلام لها يعد أكبر دليل على الفوز.

 

 


المصدر :

الكتاب : القيادة وقت الأزمات.
تأليف : داني كوكس وجون هوفر.
ترجمة : الشركة العربية للإعلام العلمي .

~
نقلاً عن : مهارات النجاح للتنمية البشرية